مصر تستعد لعصر جديد من الطاقة.. تطوير حقول الغاز واستكشافات ومشاريع جديدة واعدة

القاهرة () – تشهد مصر تطورات كبيرة في مجال الطاقة من استخراج وإنتاج الغاز الطبيعي والنفط، مع مواصلة الدولة جهودها لزيادة الإنتاج المحلي وتعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة.

ويعد هذا التوجه جزءًا من رؤية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة، وتعزيز الإيرادات الوطنية من خلال تصدير الغاز الطبيعي المُسال إلى الأسواق الأوروبية، التي تسعى لتقليل اعتمادها على واردات الطاقة الروسية.

سداد مستحقات الشركات الأجنبية

وسددت مصر مستحقات الشركات الأجنبية في قطاع الطاقة، حيث أحرزت الحكومة تقدمًا كبيرًا في تقليص ديونها المستحقة لهذه الشركات، حيث أعلنت وزارة البترول عن سداد ما يقرب من 1.2 مليار دولار من المستحقات المتراكمة، مما ساهم في تحسين الثقة بين المستثمرين الأجانب.يأتي ذلك في إطار الجهود المبذولة لجذب المزيد من الاستثمارات في مجالات الغاز والنفط، وتسهيل عمليات التنقيب والإنتاج.

وتتطلع الحكومة إلى الاستمرار في تسوية المستحقات المتبقية في أسرع وقت ممكن لتعزيز التعاون مع الشركات العالمية وزيادة الإنتاج المحلي من الطاقة.

اقرأ أيضًا: 

تطوير حقل “ظهر”

يعتبر حقل “ظهر” للغاز الطبيعي في البحر المتوسط أحد أبرز وأكبر المشاريع في قطاع الطاقة المصري، حيث تم اكتشافه في عام 2015 بواسطة شركة “إيني” الإيطالية، ومنذ بدء الإنتاج في الحقل في 2017، كان له تأثير ملحوظ على إنتاج مصر من الغاز، إذ يعد أحد أكبر الاكتشافات الغازية في منطقة البحر المتوسط بأكملها.

وساهم حقل “ظهر” في تحقيق مصر اكتفاءً ذاتيًا مؤقتًا من الغاز في عام 2018، وأصبح أحد العوامل المحورية في خطط مصر لتصدير الغاز المسال، ولكن واجه بعض المشكلات التي خفضت من الإنتاج.

وفي الفترة الأخيرة، أعلنت وزارة البترول عن تخصيص استثمارات تقدر بحوالي 535 مليون دولار خلال العام المالي 2024/2025 لتعزيز الإنتاج في حقل “ظهر”، وتشمل هذه الاستثمارات تحديث البنية التحتية وإدخال تقنيات حديثة لحفر آبار أعمق.

كما تستهدف وزارة البترول والشركة الشريكة “إيني” من هذه الاستثمارات رفع كفاءة الحقل من حيث الاستخراج، مع تقليل الآثار البيئية من خلال خفض انبعاثات غازات الشعلة، وهو توجه يندرج تحت مبادرات الوزارة لتحقيق الاستدامة البيئية​.

التحديات التقنية والبيئية وتطوير الإنتاج

وواجه حقل “ظهر” تحديات إنتاجية مع تقدم عمليات الحفر في طبقاته العميقة، ففي عام 2019، كان الحقل ينتج حوالي 2.7 مليار قدم مكعبة يوميًا، لكن الإنتاج انخفض إلى حوالي 2.3 مليار قدم مكعبة يوميًا في الوقت الراهن، مما دفع وزارة البترول وشركة “إيني” إلى تبني استراتيجيات جديدة لتحسين الإنتاج من خلال عمليات تنمية مكثفة.

وقد شملت الجهود الأخيرة تجهيز الحقل بمعدات وتقنيات أكثر كفاءة للحفاظ على مستويات الإنتاج، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الغاز داخل مصر وخارجها.

حقل “شمال صفا” وتوسيع نطاق اكتشافات الطاقة

وفي إطار توسعة نطاق الاكتشافات في قطاع البترول، أعلنت وزارة البترول عن خطط لحفر آبار جديدة في حقل “شمال صفا” البترولي شمال البحر الأحمر، حيث يعد هذا الحقل جزءًا من جهود الحكومة لتوسيع نشاط الحفر في مناطق جديدة وزيادة الإنتاج المحلي من النفط، بهدف تلبية الطلب الداخلي وتقليل الاعتماد على الواردات.

ويتوقع أن يؤدي استكشاف وتطوير حقول جديدة مثل “شمال صفا” إلى تعزيز احتياطات مصر من النفط الخام، وزيادة كفاءة الإنتاج وتطوير البنية التحتية في المناطق الجديدة، كما يعزز أيضًا من فرص العمل في هذه المناطق، مما يساهم في التنمية الاقتصادية المحلية​.

اقرأ أيضًا: 

خطط استكشافية جديدة

تعمل شركة “إيني” الإيطالية حاليًا على توسيع نطاق عملياتها الاستكشافية في مصر لتشمل مناطق جديدة خارج حقولها الرئيسية المعروفة.

وتتضمن خطط الشركة الحالية حفر آبار استكشافية في مواقع بحرية جديدة بالبحر الأحمر، لتعزيز إنتاج مصر من الغاز الطبيعي والبترول وتوسيع الموارد الهيدروكربونية المتاحة.

ويأتي هذا التوسع ضمن استراتيجية الحكومة المصرية التي تهدف إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلاد وتطوير قطاع الطاقة من خلال شراكات قوية مع شركات عالمية مثل “إيني”.

حقل ظهر

ربط حقل كرونوس بالبنية التحتية المصرية

وفي إطار السعي لتعزيز التعاون الإقليمي وتلبية الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز، تدرس مصر وقبرص إمكانية ربط حقل “كرونوس” القبرصي بالبنية التحتية المصرية الخاصة بإسالة وتصدير الغاز.

ويقع حقل “كرونوس” في المياه الاقتصادية القبرصية، ويعتبر من الحقول الواعدة في منطقة شرق البحر المتوسط، مما يتيح فرصة للاستفادة من القدرات المصرية لتصدير الغاز المسال عبر محطات الإسالة في إدكو ودمياط.

وهذا الربط إذا تحقق سيمكن قبرص من تصدير غازها إلى أوروبا عبر مصر، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط ويوفر بديلاً مهمًا لأوروبا لتعويض النقص في إمدادات الغاز.

الغاز الطبيعي

مصر كمركز إقليمي للطاقة

وتهدف الحكومة المصرية إلى تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة من خلال زيادة إنتاج الغاز والنفط وتوسيع صادرات الغاز المسال، مستفيدة من البنية التحتية المتطورة لمصانع الإسالة التي تعتبر من أكبر منشآت إسالة الغاز في المنطقة.

ويأتي هذا الطموح بالتوازي مع سياسات حكومية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة، والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز للبلاد الذي يتيح لها سهولة تصدير الغاز والنفط إلى الأسواق الأوروبية والأسيوية.

وقد لعبت مصانع الإسالة دورًا محوريًا في تحقيق صادرات قياسية لمصر من الغاز المسال خلال العامين الماضيين، حيث تعمل مصانع إدكو ودمياط بأقصى طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد من دول الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي، لا سيما بعد تقليل الاعتماد على الغاز الروسي في أعقاب الأزمة الأوكرانية​.

الأثر الاقتصادي لتطوير حقول الطاقة الجديدة

ولا يقتصر تأثير تطوير حقول الغاز والبترول في مصر على النواحي الاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل الأثر الاجتماعي والتنمية المجتمعية، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تنمية المناطق المحيطة بمواقع الحقول من خلال توفير فرص العمل وتحسين البنية التحتية.

كما تشمل جهود التنمية الاجتماعية مشروعات تعليمية وصحية، حيث تعمل شركات البترول العالمية، مثل “إيني”، على تنفيذ برامج تنموية تخدم المجتمع المحلي، لا سيما في بورسعيد والمنطقة المحيطة بحقل “ظهر”.

اقرأ أيضًا: 

التطلعات المستقبلية في مجال الطاقة

في إطار التطلعات المستقبلية، تعتزم الحكومة المصرية وشركات الطاقة العالمية تعزيز عمليات الاستكشاف والتنقيب في مناطق جديدة في البحر المتوسط والبحر الأحمر، في مسعى مستمر لزيادة المخزون الاحتياطي من الغاز والنفط.

ومن المتوقع أن تستمر هذه الجهود، حيث تسعى مصر للاستفادة من الموارد الطبيعية غير المكتشفة بعد، وتوفير بيئة استثمارية محفزة وجاذبة للشركات العالمية.

كما تستمر مصر في تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الأوروبية لضمان استدامة إمدادات الغاز لأوروبا في المستقبل، حيث تمثل مصر بوابة أساسية لتوريد الطاقة عبر منشآت الإسالة إلى أوروبا.

وتشكل عمليات تطوير حقول الغاز والنفط في مصر، بما في ذلك حقل “ظهر” و”شمال صفا” والتنقيب عن حقول جديدة، إضافة نوعية لمستقبل قطاع الطاقة المصري.

ومن خلال الاستثمارات المتزايدة والشراكات الدولية، تمهد مصر الطريق لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوسيع صادراتها من الطاقة، في حين تعد هذه الجهود جزءًا من استراتيجية مصر الكبرى لتحقيق التنمية المستدامة والاستفادة القصوى من ثرواتها الطبيعية، بما يضمن مساهمة قطاع الطاقة في تحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز موقع البلاد كمركز إقليمي للطاقة في المنطقة.

نسخ الرابط
تم نسخ الرابط

قد يهمك أيضاً :-

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *