القاهرة ()- ازدهرت العلاقات التجارية بين مصر وتركيا في السنوات الأخيرة؛ مما يعكس شراكة اقتصادية ديناميكية ومفيدة للطرفين. وقد عززت الدولتان علاقة تجارية قوية، مدعومة بصادرات متنوعة للغاية عززت علاقاتهما الثنائية، وفقا لتقرير نشره موقع .
قدم وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب مؤخرًا رؤى حول التعاون الاقتصادي المتنامي بين البلدين، مسلطًا الضوء على مكوناته الرئيسية والمبادرات الجارية وإمكانات النمو في المستقبل.
وفقًا للوزير الخطيب، فإن العلاقات التجارية بين مصر وتركيا “قوية ومتوازنة للغاية”، مما يشير إلى تبادل صحي للسلع والخدمات. في عام 2023، بلغ حجم التجارة الثنائية 6.9 مليار دولار، حيث بلغت قيمة صادرات مصر إلى تركيا 3.6 مليار دولار، بينما بلغ إجمالي الواردات من تركيا 3.3 مليار دولار. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم التجارة 8 مليارات دولار بحلول نهاية عام 2024، مما يؤكد زخم الشراكة.
تم تعزيز العلاقات الاقتصادية بشكل أكبر خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر 2024، في أعقاب زيارة مماثلة قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في وقت سابق من ذلك العام.
وقع الزعيمان 17 اتفاقية جديدة تهدف إلى تعزيز التعاون، وخاصة في التجارة والاستثمار. توجت الاتفاقيات بتشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، مما يمثل “نقطة تحول” في العلاقات بين مصر وتركيا.
اقرأ أيضًا..
من أبرز ما يميز الاتفاقيات الثنائية هو تطوير منطقتين صناعيتين في مصر، والتي ستكون بمثابة نقطة محورية لمزيد من التعاون الاقتصادي. سيمتد المشروع الأول، الواقع في العاصمة الإدارية الجديدة، على مساحة 2.1 مليون متر مربع ومن المتوقع أن تبلغ تكلفته 120 مليون دولار.
ستغطي المنطقة الثانية، الواقعة في مدينة أكتوبر الجديدة، مساحة 2.6 مليون متر مربع. تعتبر هذه المشاريع خطوات حاسمة نحو تعزيز القدرة الصناعية والبنية التحتية لكلا البلدين.
يشعر الوزير الخطيب بالتفاؤل بشأن إمكانات هذه الشراكة الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن كل من مصر وتركيا تهدفان إلى زيادة حجم التجارة بينهما إلى 15 مليار دولار في غضون بضع سنوات. سيتم تحقيق ذلك من خلال تحسين البنية التحتية وبيئة الأعمال للمشاريع المشتركة، وإزالة الحواجز التجارية، وخلق المزيد من الفرص للاستثمار.
تمتلك كل من مصر وتركيا قدرات صناعية وزراعية كبيرة يمكن أن تساهم في مزيد من نمو علاقتهما التجارية. وبحسب الخطيب، فإن قطاعات مثل الكيماويات والبتروكيماويات والمنسوجات والملابس والسيارات والأثاث ومواد البناء والأدوية والإمدادات الطبية توفر إمكانات كبيرة للتوسع. ومن المتوقع أيضًا أن ينمو التجارة في الخدمات، بما في ذلك الاتصالات والسياحة والبناء، في السنوات القادمة.
وأكد الخطيب بشكل خاص على الفرص المتاحة في القطاع الزراعي. فتركيا هي أكبر مستورد لمصر، وهناك إمكانات كبيرة لتوسيع التجارة في السلع الزراعية. ومن الممكن أن يؤدي زيادة الوصول إلى السوق التركية للمنتجات الزراعية المصرية إلى تحسين القدرة التنافسية لمصر على المستوى الدولي. ومن ناحية أخرى، من الممكن أن تستفيد مصر من المنتجات الزراعية التركية، التي يمكن أن تساعد في تلبية الطلب المحلي واستقرار الأسعار.
في حين أن العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر وتركيا قوية، فإن عدم الاستقرار الإقليمي يشكل تحديًا. وأقر الخطيب بأن الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط، مثل الحرب بين إسرائيل وغزة، فضلاً عن التوترات في لبنان واليمن، عطلت سلاسل التوريد وخلقت مخاطر للاقتصاد العالمي، بما في ذلك مصر وتركيا.
ورغم هذه التحديات، تمكنت مصر من وضع نفسها كوجهة رائدة للاستثمار الأجنبي المباشر. ففي عام 2023، احتلت مصر المرتبة الأولى كوجهة استثمارية في أفريقيا للعام الثاني على التوالي، حيث استحوذت على 18.6٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة، والذي بلغ 52.6 مليار دولار. ويُنظر إلى مرونة مصر في جذب الاستثمار العالمي على أنها شهادة على استقرارها الاقتصادي وجاذبيتها كمركز استثماري.
كما شهدت الاستثمارات التركية في مصر نموًا كبيرًا، حيث بلغت 3 مليارات دولار، مع تركيز الاستثمارات الرئيسية في قطاعي التصنيع والخدمات. وتوظف صناعة النسيج وحدها أكثر من 50 ألف مصري. ولم تساهم هذه الاستثمارات في قدرات مصر التصديرية فحسب، بل عكست أيضًا تكاملاً أعمق بين اقتصادي البلدين.
ولمزيد من الدعم للمستثمرين الأتراك، تعمل الحكومة المصرية على إنشاء وحدة متخصصة داخل الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. وستقدم هذه الوحدة مساعدة مخصصة للشركات التركية وتساعد في حل أي تحديات قد تواجهها، مما يضمن استمرار نمو الاستثمارات التركية في مصر.
وهناك مجال آخر ترى فيه مصر وتركيا إمكانات كبيرة للتعاون وهو أفريقيا. فقد فتحت منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية فرصًا هائلة للتجارة والاستثمار في جميع أنحاء القارة. وأشار الخطيب إلى أن مصر يمكن أن تعمل كمركز صناعي ولوجستي للمنتجات التركية، مما يتيح سهولة الوصول إلى الأسواق الأفريقية. كما يمكن أن تشهد المشاريع المشتركة في مجال البناء وتطوير البنية التحتية نموًا كبيرًا، حيث تعمل الدولتان على توسيع وجودهما في القارة الأفريقية.
تمثل الشراكة الاقتصادية المتنامية بين مصر وتركيا تحولًا كبيرًا نحو المزيد من التكامل والتعاون الإقليمي. بفضل المبادرات الرئيسية مثل إنشاء مناطق صناعية جديدة، وتوسيع التجارة في القطاعات الحيوية، والاستثمارات الجارية، أصبحت الدولتان على أهبة الاستعداد لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لعلاقاتهما الاقتصادية.
على الرغم من التحديات الإقليمية، فإن مناخ الاستثمار القوي في مصر والاستثمارات الاستراتيجية لتركيا في القطاعات الرئيسية قد أرست الأساس لمستقبل مشرق. ومع استمرار البلدين في البناء على علاقاتهما التجارية والاستثمارية القوية، فإنهما في وضع جيد للعمل كلاعبين رئيسيين في المشهد الاقتصادي الأوسع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط