تبرز منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية المصرية “تيدا السويس”، الواقعة بالقرب من قناة السويس الاستراتيجية في مصر، كونها رمزا قويا للتعاون الثنائي في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية بعد أن نشرت وكالة ، صورة لعامل روبوت في أحد مصانعها الكبرى في المنطقة.
أطلقتها شركة تيدا الصينية للتطوير الصناعي في عام 2008، مستخدمة أكثر التقنيات تطورا ومنها العمال الروبوتات، أصبحت المنطقة حجر الزاوية في التنمية الصناعية والاقتصادية في مصر، حيث اجتذبت استثمارات صينية كبيرة وعززت خلق فرص العمل. ومؤخرًا، زارت مجموعة من ممثلي الأحزاب السياسية المصرية المنطقة، وشهدوا عن كثب النجاح المتزايد لهذا التعاون، الذي كان له دور فعال في دعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
كانت منطقة تيدا السويس الاقتصادية، التي تمتد على مساحة 7.34 كيلومترًا مربعًا، محركًا رئيسيًا للتصنيع في مصر، وخاصة في منطقة السويس. اعتبارًا من سبتمبر 2024، اجتذبت المنطقة نحو 180 شركة استثمارية، ساهمت بأكثر من 3 مليارات دولار في الاستثمارات، مع حجم مبيعات يتجاوز 4.6 مليار دولار ومدفوعات ضريبية تصل إلى 450 مليون دولار. تؤكد هذه الأرقام على التأثير الاقتصادي الكبير للمنطقة، والتي ساعدت في تعزيز النمو الصناعي وتحسين القدرة التجارية لمصر.
اقرأ أيضا..
تعد منطقة تيدا موطنًا لمجموعة من الشركات الصينية البارزة التي أنشأت عمليات تصنيع في مصر. ومن بين الشركات الرائدة ميديا، وهي شركة صينية لتصنيع الأجهزة المنزلية، والتي أنشأت مصنعًا كبيرًا في المنطقة الموسعة حديثًا والتي تبلغ مساحتها 6 كيلومترات مربعة.
وفقًا لإسلام الشامي، مدير الموارد البشرية في ميديا مصر، ينتج المصنع حاليًا حوالي 120 ألف غسالة أطباق و500 ألف مقلاة هوائية سنويًا، مع 70٪ من مكوناتها محلية المصدر في مصر. وهذا يسلط الضوء على الدور المتزايد للتصنيع المصري في عملية الإنتاج، مما يعزز نقل التكنولوجيا والمهارات من الصين إلى مصر.
ومن الشركات البارزة الأخرى العاملة داخل المنطقة شركة جوشي مصر، وهي شركة تابعة لشركة جوشي العملاقة العالمية للألياف الزجاجية. ومنذ إنشائها قبل أكثر من عقد من الزمان، نمت شركة جوشي لتصبح لاعباً مهماً في السوق المصرية.
كشف ما شينياو، نائب المدير العام لشركة جوشي مصر، أن الشركة تدير أربعة خطوط إنتاج، بطاقة سنوية تبلغ 360 ألف طن من الألياف الزجاجية. وبإجمالي استثمار يبلغ حوالي مليار دولار، تصدر جوشي 95% من إنتاجها، بينما تخدم النسبة المتبقية 5% السوق المصرية المحلية.
أحد المصانع الصينية الكبرى في مصر1
لقد اعترف ممثلو مختلف الأحزاب السياسية في مصر على نطاق واسع بالتأثير الإيجابي لمنطقة تيدا على التنمية الصناعية في مصر. وأشاد عمرو سليمان، المتحدث باسم حزب حماة الوطن، بالمنطقة باعتبارها مظهراً ملموساً للشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين. وأكد أن المنطقة تجسد نجاح مبادرة الحزام والطريق وتساهم بشكل مباشر في رؤية مصر 2030 من خلال توفير فرص التنمية المستدامة.
وأشار سليمان إلى أن منطقة تيدا، بشركاتها الصينية ونقل التكنولوجيا، هي بالضبط ما كانت مصر تأمله في تعاونها مع الصين. وأشار إلى المنطقة باعتبارها “ترجمة حقيقية” للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين، مؤكداً على دور المنطقة في تعزيز العلاقات الثنائية.
أعرب علي عبد الودود، عضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الوفد، عن إعجابه بعد زيارة مصنع ميديا في المنطقة، واصفاً إياه بأنه “دفعة قوية إلى الأمام للتعاون المصري الصيني في الاستثمار والصناعة”. وسلطت زيارته الضوء على نجاح منطقة تيدا في تعزيز قاعدة صناعية أكثر قوة في مصر، حيث تلعب الشركات الصينية الرائدة دوراً محورياً في هذا التحول.
أحد المصانع الصينية الكبرى في مصر2
كان أحد أهم فوائد منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري تيدا السويس هو تأثيرها على التوظيف. وكما أشار كاو هوي، المدير التنفيذي لشركة تنمية المنطقة الاقتصادية الخاصة المصرية تيدا، فقد نجحت المنطقة في خلق ما يقرب من 9000 فرصة عمل مباشرة وأكثر من 80 ألف فرصة عمل غير مباشرة للقوى العاملة المصرية. وقد ساعد هذا في تخفيف البطالة في المنطقة ووفر للعمال المحليين مهارات قيمة وفرص تدريب في قطاعات التصنيع المتقدمة.
بالإضافة إلى خلق فرص العمل المباشرة، ساهمت منطقة تيدا في إحداث تحول اقتصادي أوسع في مصر، وتعزيز قاعدة صناعية أكثر تنوعًا. وقد حفز وجود شركات التصنيع الصينية العملاقة تطوير البنية التحتية في مصر وجذب استثمارات أجنبية إضافية، مما أدى إلى خلق حلقة ردود فعل إيجابية تعود بالنفع على كلا البلدين.
لا تمثل منطقة تيدا أهمية لمصر فحسب، بل تمثل أيضًا عنصرًا أساسيًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية الأوسع نطاقًا، والتي تسعى إلى تعزيز العلاقات التجارية وتطوير البنية التحتية عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا. تلعب مصر، التي تتمتع بموقع استراتيجي على طول قناة السويس، دورًا حيويًا في تسهيل التجارة العالمية والطرق البحرية، مما يجعل منطقة تيدا موقعًا مثاليًا للشركات الصينية التي تسعى إلى توسيع وجودها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أكدت كاو هوي أن منطقة تيدا هي نموذج ناجح في كل من مبادرة الحزام والطريق وخريطة تطوير قناة السويس، مما يعكس التعاون المتعمق بين مصر والصين. إن العلاقات الاقتصادية التي تعززها منطقة تيدا لا تدعم النمو الصناعي فحسب، بل تدعم أيضًا الاستقرار والازدهار الإقليمي، حيث يستفيد كلا البلدين من التجارة المتبادلة والاستثمار والتقدم التكنولوجي.
أحد المصانع الصينية الكبرى في مصر3
مع استمرار منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري تيدا في التوسع والازدهار، فإنها تمثل شهادة على نجاح التعاون بين الصين ومصر. من خلال تعزيز التنمية الصناعية وخلق فرص العمل وتشجيع نقل التكنولوجيا، تلعب المنطقة دورًا محوريًا في مستقبل مصر الاقتصادي. وعلاوة على ذلك، فهي بمثابة نموذج للدول الأخرى المشاركة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تعرض إمكانات التعاون الدولي لدفع النمو والتنمية المستدامة.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط