القاهرة ()- كانت قمة البريكس السادسة عشرة، التي عقدت في أكتوبر 2024 في قازان، روسيا، بمثابة توسع كبير للكتلة، مع انضمام مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة إلى المجموعة، بحسب تحليل، موقع .
وأضاف التحليل أمن هذا التوسع إلى الوجود الهائل بالفعل لأعضاء البريكس الأصليين – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا – الذين يمثلون مجتمعين 45٪ من سكان العالم، وأكثر من 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وحوالي 50٪ من انبعاثات الكربون العالمية.
لم تبد إمكانية تحدي مجموعة البريكس للمؤسسات العالمية التي يهيمن عليها الغرب والظهور كقوة سياسية واقتصادية رئيسية أكثر واقعية من أي وقت مضى، ومع ذلك، وعلى الرغم من طموحات الكتلة، فإن الفجوات السياسية الداخلية والاختلافات الاستراتيجية بين أعضائها تثير تساؤلات خطيرة حول قدرتها على تقديم تحدٍ موحد للنظام العالمي القائم.
لطالما كان يُنظَر إلى البريكس باعتبارها مجموعة جماعية قادرة على موازنة الهيمنة المالية الغربية، وخاصة في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا والتوترات الجيوسياسية التي أعقبت ذلك.
شددت أجندة المجموعة على التعددية والاستقرار الدولي وإصلاح النظام المالي العالمي، بما في ذلك الجهود الرامية إلى تقويض هيمنة الدولار الأمريكي، وفي حين تتردد أصداء هذه الجهود في بلدان الجنوب الأوسع، فإن العلاقات بين أعضاء البريكس والغرب تتباين على نطاق واسع، مما يجعل تحقيق رؤية سياسية متماسكة وموحدة أمراً غير محتمل على نحو متزايد.
وفقاً للخبراء أميت رانجان من الجامعة الوطنية في سنغافورة وجينيفيف دونيلون ماي من جمعية أكسفورد العالمية، فإن التحدي الأول لتماسك البريكس يكمن في المواقف المختلفة تجاه الغرب بين أعضائها.
إذ تحافظ روسيا وإيران والصين على علاقات متوترة مع الدول الغربية بسبب قضايا مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، والصراع على الهيمنة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
على النقيض من ذلك، أقامت الهند علاقات قوية مع الدول الغربية، بما في ذلك أن أصبحت شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في الدفاع والتجارة.
وفي حين تلتزم نيودلهي باستقلالها الاستراتيجي، فإن انحيازها المتزايد للقوى الغربية قد يشكل تحديًا لقدرة المجموعة على تقديم جبهة موحدة بشأن القضايا العالمية.
اقرأ أيضا..
إن التوترات الطويلة الأمد بين الصين والهند، وهما عضوان من أقوى أعضاء مجموعة البريكس، تزيد من تعقيد وحدة المجموعة.
وعلى الرغم من الاتفاق الأخير على الانسحاب من مناطق معينة على طول حدودهما المتنازع عليها في شرق لاداخ، فإن التوترات حول خط السيطرة الفعلية لا تزال دون حل.
تربط الدولتان علاقة معقدة، توازن بين التعاون الاقتصادي والاحتكاك السياسي، كما تعد الهند عضوًا في مجموعة الرباعية، وهي المجموعة التي تهدف إلى مواجهة النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الهند قادرة على الحفاظ على علاقات قوية مع الغرب في حين تكون جزءًا من مجموعة تضم أكبر منافس استراتيجي لها.
وعلاوة على ذلك، يضيف العداء التاريخي للهند مع باكستان ــ وهي عضو محتمل آخر في مجموعة البريكس ــ طبقة أخرى من التعقيد.
فقد تعهدت روسيا بدعم إدراج باكستان في مجموعة البريكس، ولكن معارضة الهند المحتملة لهذا قد تتسبب في مزيد من الانقسامات داخل المجموعة.
كما توضح التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل التحديات التي تواجهها مجموعة البريكس في إدارة النزاعات الداخلية.
اعترضت مصر منذ فترة طويلة على ملء إثيوبيا للسد من جانب واحد، وهو الموقف الذي أدى إلى صدامات دبلوماسية متكررة، بما في ذلك رسالة أرسلت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2024، ورفضت إثيوبيا التراجع، متهمة مصر بالسلوك العدواني.
نظرا للسياق التاريخي لهذا النزاع، يبدو من غير المرجح أن تعمل مجموعة البريكس كمنصة فعالة للمصالحة بين هذين البلدين، وخاصة عندما تظل القضايا الإقليمية مثل الأمن المائي مثيرة للجدال.
إن علاقة الإمارات العربية المتحدة بإيران تؤكد أيضًا التناقضات الداخلية داخل مجموعة البريكس، ففي حين تواصل إيران النظر إلى إسرائيل باعتبارها عدوًا، قامت الإمارات العربية المتحدة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل من خلال اتفاقيات إبراهيم في عام 2020.
يعكس هذا التباعد الدبلوماسي التوترات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا في الشرق الأوسط، حيث غالبًا ما تكون التحالفات متقلبة ومدفوعة بحسابات استراتيجية، كما أن العلاقات المتنامية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، إلى جانب عضويتها في مجموعة I2U2 (التي تضم الهند وإسرائيل والولايات المتحدة)، تزيد من تعقيد دورها في مجموعة البريكس، حيث يظل موقف إيران في تناقض صارخ.
في حين أن البريكس لديها بلا شك القدرة على العمل كقوة موازنة للمؤسسات العالمية التي يهيمن عليها الغرب، فإن الاختلافات السياسية والإيديولوجية الداخلية بين أعضائها تجعل من غير المرجح أن تتمكن المجموعة من تقديم تحد متماسك وموحد للنظام العالمي الحالي.
كما يشير رانجان ودونيلون ماي، في حين قد تنجح الكتلة في تعزيز بعض الأهداف المشتركة، مثل إصلاح الحوكمة المالية العالمية، فإن مجالات الاختلاف الأساسية – مثل المواقف تجاه الغرب والنزاعات الإقليمية – من المرجح أن تمنع المجموعة من تحقيق أي اختراقات كبيرة من حيث الرؤية الجيوسياسية الموحدة.
على الرغم من هذه التحديات، ما تزال مجموعة البريكس تمثل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد العالمي والسكان، وإن نفوذ المجموعة المتزايد هو شهادة على تحول توازن القوى في السياسة الدولية، ولكن ما إذا كانت المجموعة قادرة على تقديم بديل للنظام العالمي الذي يقوده الغرب ما يزال يتعين علينا أن نرى.
في الوقت الحالي، ما تزال الفجوات السياسية في جدار البريكس واسعة، حيث تشكل الانقسامات الداخلية والتوترات الثنائية عقبات كبيرة أمام قدرة المجموعة على العمل كقوة متماسكة على الساحة العالمية.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط