في خضم الأجواء المشحونة التي تسبق واحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية تنافسًا في التاريخ الحديث، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا مع تزايد الإقبال عليه كأحد الملاذات الآمنة.
ويشهد السوق حالة من الترقب الحذر في ظل مخاوف المستثمرين من اضطرابات قد تطال الأسواق المالية العالمية، مدفوعة بالتوترات السياسية والمخاطر الاقتصادية المرافقة لموسم انتخابي بالغ الحساسية.
والتحليلات تشير إلى أن المعدن الأصفر لن يتأثر بنتائج الانتخابات فقط، بل بالأزمات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية، التي تساهم في زيادة جاذبيته كأصل مستقر.
وبينما تسود توقعات بموجة اضطرابات طويلة الأمد، يرى مراقبون أن المعدن النفيس سيظل الخيار الأول للمستثمرين الراغبين في حماية ثرواتهم، بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات.
أسعار الذهب عالميًا
وشهدت أسعار الذهب ارتفاعًا كبيرًا خلال الأيام الأخيرة؛ حيث ازداد الإقبال عليه كأصل آمن وسط أجواء عدم اليقين التي ترافق الانتخابات الأمريكية المرتقبة، والتي توصف بأنها واحدة من أكثر الانتخابات تنافسية في التاريخ الحديث.
ويتوقع العديد من المحللين استمرار صعود المعدن الأصفر، بغض النظر عن نتائج الانتخابات، ما يعكس توجه المستثمرين للابتعاد عن المخاطر واللجوء إلى الأصول الآمنة.
اقرأ أيضًا:
مستويات قياسية جديدة للذهب
وخلال الأسبوع الحالي، وصل سعر الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، مما يجعله في طريقه لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979.
وقد بدأت موجة الصعود هذه بزيادة الطلب من قبل البنوك المركزية والمشترين في الصين، إلا أن الزخم تعزز مع توجه المستثمرين نحو حماية أموالهم من تقلبات السوق مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية.
ووفقًا لوكالة بلومبرج، يشير الخبراء إلى أن الارتفاع قد يستمر حتى بعد إعلان النتائج، نظرًا للمخاوف المتزايدة من اضطرابات محتملة تؤثر على الأسواق.
الذهب خيار مفضل وسط حالة عدم اليقين
من جهته، أكد باتريك فروزيتي، مدير محافظ الاستثمار في شركة “روز أدفيزورز” بنيويورك، أن الذهب يعتبر الخيار المفضل في أوقات عدم الاستقرار الجيوسياسي، موضحًا أن الأسواق تفضل المعدن الأصفر ملاذا آمنا عندما تكون الأمور غير مؤكدة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقضايا ذات بعد سياسي”.
وهذا التوجه يعكس رغبة المستثمرين في الاحتفاظ بالذهب مع اقتراب الانتخابات، نظرًا للتوقعات بحدوث صدمات قد تؤدي إلى اضطراب الأسواق.
دونالد ترامب وكامالا هاريس
التوترات الانتخابية الأمريكية وتأثيرها في الذهب
وتزداد التوترات مع تصريحات المرشح الرئاسي دونالد ترامب وأنصاره، الذين يعبرون عن ثقتهم في تحقيق فوز كبير، ومع التقارب في استطلاعات الرأي بين المرشحين، يتوقع المحللون احتمالية نشوب نزاعات قانونية طويلة الأمد في حال كانت النتيجة متقاربة، ما قد يثير اضطرابات في الأسواق ويدفع المزيد من المستثمرين نحو الذهب كأصل آمن.
وأشار بعض المراقبين إلى احتمالية تدخل المحكمة العليا للفصل في النتائج، في حال لم تحسم بفارق واضح، مما قد يؤدي إلى عمليات فرز مشحونة بالتوتر، ويثير هذا السيناريو مخاوف المستثمرين، خاصةً أن نتيجة انتخابات سابقة في عام 2000 شهدت تدخل المحكمة العليا، مما أثر على استقرار الأسواق في ذلك الوقت.
علاقة معقدة بين الذهب والدولار الأمريكي
وعادةً يؤدي ارتفاع قيمة الدولار الأميركي إلى تقليل جاذبية الذهب بالنسبة للمشترين من خارج الولايات المتحدة، لكن في ظل الظروف الحالية، يرى المحللون أن المخاوف المتزايدة حول تقارب نتائج الانتخابات قد تدفع المستثمرين إلى تقليص رهاناتهم على الدولار الأميركي والأسواق المالية، واللجوء إلى المعدن الأصغر كخيار بديل.
وقد قفز سعر الذهب الفوري يوم الجمعة نحو 2750 دولارًا للأونصة، مدفوعًا ببيانات وظائف أميركية أقل من المتوقع، مما زاد من الطلب على الذهب.
اقرأ أيضًا:
تأثير النتائج الانتخابية في مستقبل الذهب
وأشار روبرت مولين، مدير محفظة الاستثمار في “ماراثون ريسورس أدفيزورز”، إلى أن التأخير المحتمل في إعلان الفائز قد يساهم في زيادة أسعار الذهب.
وذكر مولين أن عدم وضوح النتيجة قد يبقي الأسواق في حالة ترقب، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان في المعدن النفيس.
ومن ناحية أخرى، قد يؤدي إعلان نتيجة واضحة إلى تقليل بعض المخاطر، ولكن من المتوقع أن تبقى الأسعار مرتفعة نسبيًا حتى تتضح الصورة بشكل كامل.
الذهب
توقعات المحللين على المدى الطويل
وفي مذكرته للعملاء، أشار محلل “دويتشه بنك” مايكل سويه إلى أن فوز المرشحة كامالا هاريس قد يسبب في البداية موجة بيع للذهب، إلا أن هذا التأثير سيكون قصير الأمد، لأن احتمالية تراجع الدولار قد تزيد من القوة الشرائية للدول الأخرى مثل الصين والهند، مما يعزز الطلب على الذهب.
كما أن السياسات الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تباطؤ النمو قد تسهم في تخفيض أسعار الفائدة الأميركية، ما يجعل المعدن الأصفر أكثر جاذبية.
خطط الإنفاق المتوقعة وتأثيرها على الأسعار
وعلى المدى الطويل، أشار بعض المحللين إلى وجود قاسم مشترك بين المرشحين الأميركيين يتمثل في خطط إنفاق ضخمة قد تزيد الضغط على الاقتصاد الأميركي، مما يجعل الذهب خيارًا مثاليًا للعديد من المستثمرين الباحثين عن الأمان.
ويرى كالفن يوه، مدير صندوق “ميرليون فاند” لدى “بلو إيدج أدفيزورز” في سنغافورة، أن السوق تتقبل فكرة الاستمرار في الإنفاق المالي بغض النظر عن الفائز، مضيفًا أن المعدن الأصفر بات ملاذًا يلجأ إليه المستثمرون في جميع أنحاء العالم، لما يوفره من استقرار في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة”.
اقرأ أيضًا:
سندات الخزانة الأمريكية وارتفاع التضخم
وتتضح المخاوف بشأن خطط الإنفاق المستقبلية في سوق السندات الأميركية، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة وسط توقعات بزيادة مستويات الدين، وعلى الرغم من أن هذه العوائد المرتفعة تجعل السندات أكثر جاذبية مقارنةً بأصول مثل الذهب، إلا أن توقعات التضخم المتزايدة تجعل الذهب خيارًا محببًا للكثيرين.
ومع الارتفاع الملحوظ في أسعار المعدن الأصفر خلال العام الحالي، يتوقع المحللون استمرار هذا التوجه خاصةً في حال فوز ترامب، إذ من المرجح أن تعزز سياساته الاقتصادية من توجه الأسواق نحو الذهب كخيار استثماري آمن.
ورغم عدم وضوح الرؤية حول هوية الفائز في الانتخابات الأمريكية المرتقبة، يظل المعدن النفيس مستمرًا في أدائه القوي، مع توقعات بأن يستمر في الارتفاع بغض النظر عن نتيجة الانتخابات.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
التعليقات